English

الذكاء الاصطناعي القائم على الوكالة يعزز حضوره في قطاع تكنولوجيا الأغذية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

English

الذكاء الاصطناعي القائم على الوكالة يعزز حضوره في قطاع تكنولوجيا الأغذية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

بقلم ألكسندر بونوماريف، المدير التنفيذي لشركة Syrve MENA المتخصصة في المتخصصة في تقديم حلول تقنية لإدارة المطاعم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

لقد كانت صناعة الأغذية والمشروبات، إلى جانب مجال تكنولوجيا الأغذية، مهيأة للتحول الرقمي منذ فترة طويلة. ويُبشّر صعود الذكاء الاصطناعي القائم على الوكالة (Agentic AI) بتطورات جديدة في سوق تقل فيه هوامش الربح وتتغير فيه احتياجات العملاء باستمرار، وتُعد سلاسل التوريد فيه معقدة. 

وعلى خلاف الأتمتة التقليدية، تتخذ أنظمة الذكاء الاصطناعي القائم على الوكالة قرارات مستقلة (كما نفعل نحن البشر)، كما تطوّر أداءها باستمرار من خلال التعلم من بيئاتها. وقد يُحدث تطبيق هذه التقنية في قطاع الأغذية والمشروبات تحولًا جذريًا، خاصة في مناطق مثل الشرق الأوسط والإمارات العربية المتحدة التي تشهد وتيرة تحديث متسارعة.

تحسين الكفاءة واتخاذ القرارات

من أبرز مزايا الذكاء الاصطناعي القائم على الوكالة قدرته على أتمتة القرارات المعقدة، وهي قرارات كانت عادة تتطلب تدخّلًا بشريًا. وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2028، سيتم اتخاذ نحو 15% من قرارات الأعمال اليومية بشكل مستقل بواسطة هذا النوع من الذكاء الاصطناعي، وهو ما يدل على تحوّل كبير في أساليب اتخاذ القرارات الاستراتيجية والتشغيلية في مختلف القطاعات.

ولكن كيف يُطبّق ذلك في قطاع الأغذية والمشروبات؟ الإجابة أبسط مما نعتقد. إذ يقوم وكلاء الذكاء الاصطناعي بقراءة البيانات وتحليلها في الوقت الفعلي، ما يتيح اتخاذ قرارات دقيقة وفي التوقيت المناسب. فعلى سبيل المثال، يمكن لهؤلاء الوكلاء تحسين مسارات توصيل الطلبات وإدارة المخزون بكفاءة أكبر وضبط مستويات الإنتاج الغذائي وفقًا لحجم الطلب. وفي المطابخ الذكية، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بحجم الإقبال، وأتمتة تجديد المخزون، وتعديل الوصفات بما يتماشى مع الأهداف الغذائية والمكوّنات المتاحة.

ويكتسب هذا التوجه أهمية خاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تُركّز الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051 على ترسيخ مكانة الدولة كإحدى الدول الرائدة في إنتاج الغذاء المستدام. فعلى سبيل المثال، يُعد تحسين سلاسل التوريد باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي إحدى الوسائل الفعّالة لدعم هذه الاستراتيجية. كما يُسهم هذا التطوير في تعزيز إمكانية تتبّع المنتجات من المزرعة إلى المائدة وزيادة الشفافية والحد من هدر الغذاء.

وعلى خلاف الأنظمة التقليدية التي تلتزم بقواعد ثابتة، يعمل الذكاء الاصطناعي القائم على الوكالة على تطوير آليات اتخاذ القرار وأُطرها باستمرار. وبفضل هذه التقنية، يصبح من الأسهل على الشركات توسيع نطاق عملياتها. كذلك، يُسهم (Agentic AI) في خفض التكاليف وتقليل الاعتماد على المتابعة البشرية. وغالبًا ما تُعد هذه القدرة ميزة تنافسية في قطاع الأغذية والمشروبات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

تجربة العملاء والالتزام بالمعايير 

في قطاعَي الضيافة والمطاعم، تُعد تجربة العملاء عنصرًا محوريًا. لكن كيف يُسهم الذكاء الاصطناعي القائم على الوكالة في هذا المجال؟

أولًا، يتفاعل مع العملاء من خلال تواصل فوري قائم على السياق. بخلاف روبوتات الدردشة التقليدية التي تعتمد على نصوص محددة مسبقًا، يستطيع هذا النوع من الذكاء تذكّر تفضيلات العملاء والرد على استفساراتهم بما يتناسب مع اهتماماتهم. كما يمكنه تخصيص الاقتراحات استنادًا إلى سلوك المستخدم. في قطاع الأغذية والمشروبات، مثلًا، تستخدم العديد من الشركات تطبيقات للطلبات عبر الإنترنت، شبيهة بمنصّات مثل Deliveroo وTalabat، وتُظهر للمستخدمين خيارات مثل "منتجاتك المفضلة" أو "طلباتك السابقة"، وهي أمثلة عملية على تخصيص تجربة الزبون باستخدام الذكاء الاصطناعي.

إلى جانب خدمة العملاء الآلية، تعتمد العديد من المنشآت على هذه التقنية لتقديم تجربة أكثر خصوصية. ولهذا ترى غالبًا محتوى وقوائم طعام وعروضًا ترويجية وطرق طلب تتماشى بشكل كبير مع تفضيلاتك الشخصية. فعلى سبيل المثال، يمكن لنظام مدعوم بالذكاء الاصطناعي إرسال إشعار فوري يُعلم المستخدم بعودة منتج مفضل إلى قائمة المتوفرات. وإذا كان المستخدم قد حدّد تفضيلاته الغذائية مسبقًا، يمكن للذكاء الاصطناعي القائم على الوكالة تلبية هذه الاحتياجات، كأن يقترح مثلًا بديلًا خاليًا من منتجات الألبان لشخص يُعاني من عدم تحمّل اللاكتوز، طالما أن النظام على دراية بهذه التفضيلات.

أما في ما يتعلّق بالالتزام بالمعايير والأنظمة التنظيمية، فقد أثبت الذكاء الاصطناعي القائم على الوكلاء فعاليته في هذا الجانب أيضًا. فهو قادر على مراجعة البروتوكولات واكتشاف أية خلل أو مخالفات في سجلات توريد الأغذية، بل ويمكنه أيضًا رصد مؤشرات قد تدل على وجود احتيال. ورغم أن النظام ليس معصومًا من الخطأ، فإن وجوده كأداة ذكية داعمة يسهم في تخفيف العبء عن الفرق البشرية، ويتيح لها التركيز على القضايا الأكثر تعقيدًا.

ما هو مستقبل Agentic AI في الأغذية؟

أدّى تلاقي هذا النوع من الذكاء الاصطناعي مع قطاع الأغذية والمشروبات إلى تغييرات جوهرية في طريقة عمل المؤسسات الغذائية وتوسّعها وأساليب تفاعلها مع العملاء. وبينما قد تُستبدل بعض الوظائف، خصوصًا تلك التي تعتمد على المهام الروتينية، بأنظمة مؤتمتة، فإن وظائف جديدة بدأت بالظهور في مجالات مثل إدارة العمليات الرقمية وتحليل البيانات والإشراف على الذكاء الاصطناعي. وتوفّر مبادرات تأهيل الكوادر، مثل البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والبرمجة في دولة الإمارات، فرصًا لتطوير المهارات لدى كل من العمالة المحلية والوافدة، تمهيدًا لسوق عمل أكثر مواكبة للتحولات الرقمية.

كما يفتح الذكاء الاصطناعي القائم على الوكالة الباب أمام نماذج أعمال جديدة في مجال تكنولوجيا الأغذية. فابتكارات مثل شاحنات الطعام ذاتية القيادة والمطابخ السحابية المدارة بالذكاء الاصطناعي وتطبيقات تخطيط الوجبات المصممة بدقة حسب احتياجات كل مستخدم، ما هي إلا أمثلة على موجة جديدة من الإبداع التقني.

إن المستقبل بدأ بالفعل، وعلينا أن نكون جزءًا منه.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.