English

التأثير الحقيقي للسعودة على اقتصاد المملكة

English

التأثير الحقيقي للسعودة على اقتصاد المملكة

بقلم أنيل كومار، رئيس عمليات السعودية في TASC Outsourcing

وضعت الحكومة السعودية سياسة توطين شاملة تهدف لزيادة نسبة المواطنين في القوى العاملة، كجزء من رؤية 2030، والتي تطمح الحكومة من خلالها إلى خفض معدل البطالة من ذروته البالغة 12.9% في عام 2018 إلى 7% بحلول عام 2030. ولتحقيق ذلك، اعتمدت الحكومة نهجًا تدريجيًا في تنفيذ هذه السياسة، مما يجعلها أداة أساسية في تشكيل مستقبل المملكة.

تطور سياسة السعودة

تم تنفيذ السعودة في البداية من خلال نظام "نطاقات"، الذي تم إطلاقه عام 2011، حيث فرضت الحكومة نسب توطين صارمة على مستوى القطاعات والشركات. في ذلك الوقت، كان أكثر من 80% من القوى العاملة في القطاع الخاص من الوافدين، وركزت السياسة على القطاعات كثيفة العمالة مثل البناء والتجزئة. أما اليوم، فقد تحولت السياسة إلى استهداف القطاعات عالية المهارة، مثل التمويل وتقنية المعلومات والاستشارات المرتبطة بالحكومة، حيث بدأت المرحلة الأولى من سعودة شركات الاستشارات في عام 2023.

كانت هذه الشركات مستثناة من متطلبات السعودة التي طُبقت على القطاعات الأخرى، لكنها أصبحت الآن مطالبة بتوظيف سعوديين بنسبة 35% من وظائف الاستشارات. وفي مارس 2024، تم رفع هذه النسبة إلى 40% للمهن التي تشمل الاستشارات المالية، استشارات الأعمال، استشارات الأمن السيبراني، إدارة المشاريع، الهندسة، والتخصصات الأخرى. وتعد هذه التغييرات ضرورية لأنها تعزز مشاركة السعوديين في القطاعات الحيوية لتحقيق أهداف التنويع الاقتصادي ضمن رؤية 2030.

التأثير على سوق العمل

كان التأثير الأكبر للسعودة على التوظيف خلال الفترة 2018-2020. ففي عام 2018، كان السعوديون يمثلون 20% فقط من القوى العاملة في المملكة، لكن بحلول 2020 ارتفعت النسبة إلى 33%، حيث استحوذت النساء على الجزء الأكبر من هذا النمو. وقد شهدت قطاعات مثل الرعاية الصحية، السياحة، والتكنولوجيا تدفقًا متزايدًا من السعوديين.

في قطاع السياحة، تمثل النساء الآن 22% من القوى العاملة، وهو قطاع كان يسيطر عليه الوافدون سابقًا. وقد لعبت شركة البحر الأحمر العالمية دورًا رئيسيًا في هذا التحول من خلال تقديم برامج تدريب مهني وفرص عمل مخصصة للنساء السعوديات. كما أن 40% من المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المملكة مملوكة الآن لنساء سعوديات، مما يعكس جهود الحكومة في دمج المرأة في سوق العمل ودعم الابتكار والنمو الاقتصادي.

التحديات التي تواجه السعودة

رغم التقدم المحرز، تواجه سياسة السعودة عدة تحديات:

  1. نقص المهارات: نظرًا للتفضيل التاريخي للعمالة الأجنبية، يفتقر العديد من السعوديين إلى المهارات اللازمة للوظائف المستهدفة، خاصة في المجالات التقنية والهندسية، مما يجعل الشركات تواجه صعوبة في تحقيق الأهداف الصارمة لنسب السعودة.
  2. صعوبة التوظيف في بعض القطاعات: في قطاعات مثل البناء والتجزئة، تجد الشركات صعوبة في توظيف سعوديين بسبب طبيعة العمل. وقد دفع ذلك بعض الشركات إلى استغلال النظام عبر توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث يتم احتسابهم كأكثر من موظف واحد بموجب إطار السعودة.
  3. فجوة الأجور: هناك تفاوت في الأجور بين السعوديين والوافدين، حيث يفرض نظام نطاقات حدًا أدنى للأجور أعلى للسعوديين، مما يزيد من تكاليف التوظيف على أصحاب العمل.

كيف تدعم السعودة دور المرأة

من الإنجازات البارزة للتوطين هو ارتفاع مشاركة المرأة في سوق العمل. فقد ساعدت إزالة حظر القيادة وتخفيف قوانين الولاية على زيادة انخراط النساء في القوى العاملة. كما ساهم برنامج "قرّة"، الذي يوفر خدمات رعاية الأطفال للأمهات العاملات، في تعزيز هذه المشاركة.

وأصبحت النساء يشغلن أدوارًا بارزة في القطاعات التي كانت تهيمن عليها الرجال، مثل التكنولوجيا، التمويل، والرعاية الصحية. بالإضافة إلى ذلك، يوفر برنامج "منشآت" دعمًا تنظيميًا وضمانات قروض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المملوكة للنساء السعوديات، مما يعزز ريادة الأعمال النسائية.

ضمان نجاح السعودة على المدى الطويل

لقد تطورت سياسة السعودة بشكل كبير وأصبحت استراتيجية شاملة لتنمية القوى العاملة. ولضمان استمرار نجاحها، لا بد من معالجة التحديات المستمرة، وذلك من خلال:

  1. توسيع فرص التدريب المهني: ينبغي توفير برامج تدريب واسعة النطاق للسعوديين في المجالات المطلوبة بشدة، مثل الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، والطاقة المتجددة.
  2. سد فجوة المهارات وتعزيز القيادة: يمكن تحقيق ذلك عبر إطلاق برامج إرشاد وتوجيه تربط الموظفين السعوديين بالخبراء ذوي الخبرة.

ختامًا

لقد أحدثت سياسة السعودة تحولًا كبيرًا في المشهد الاقتصادي للمملكة. وعلى الرغم من التحديات، فإن التقدم المحرز يبعث على التفاؤل. ومع استمرار الدعم الحكومي، يبدو أن السعودة ستظل أحد المحركات الرئيسية في تشكيل مستقبل الاقتصاد السعودي.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.